الثلاثاء، 22 يونيو 2010

الفساد في المملكة ... محاولة للفهم .

الفساد المالي في الأونة الأخيرة أضحى من الأشياءالقليلة التي يتفق عليها غالبية المواطنين بمختلف توجهاتهم الفكرية , وذلك أنه فاق كل حد وتجاوز اللامعقول ناهيك عن المعقول – إن كان ثمة معقولا في الفساد – والغريب أن هذا يحدث في وقت الإصلاح والإنفتاح والشفافية , بل في وقت أصبحت فيه الحريات – على مستوى الإعلام – أعلى سقفا من أي عهد سابق , والأغرب من هذا كله أن أعلى سلطة في البلد تعترف به ودون مواربة , كما في حديث الملك للوزراء عند إقرار ميزانية العام الجاري والتي تحدث فيها عن مشاريع (ضائعة ) وتعهده – في مقابلة صحيفة السياسة الكويتية – بأنه سيراقب أدائهم – الوزراء – وسيكونون تحت عينه !! ولاننس كذلك الموقف التاريخي من كارثة سيول جده التي حاول الإعلام الرسمي عبر وكالة واس تجاهلها إضافة إلى أن الأمير خالد الفيصل قد حاول تهوين الكارثة بدعاوي فجة وغير مقبولة قبل البيان التاريخي للملك والذي بعده تغيرت الحسابات 180 درجة , وأستبشر الجميع خيرا , من أن عهدا من حساب الفاسدين قد أشرق . وأن تحييد الفساد أصبح مسألة وقت لا أكثر ,,, كل تلك الآمال ذهبت أدراج الرياح بعد الإطلاع على حجم الفسادفي المشاريع الحكومية ومنها على سبيل المثال لا الحصر مشروع ساهر والذي تجاوز قيمته الفعلية بعشرات المرات متى قارناه مع شبيهه في دبي , وكذلك مشاريع وزارة التربية والتعليم مثل مشروع بناء 200 مدرسة ب 2 مليار , وكذلك طلب الرئاسة العامة لرعاية الشباب 8 مليار ريال لصيانة المرافق الرياضية !! بينما الواقع المشاهد على الأرض يقول بأن مشاريع الرئاسة كاملة وفي كامل الوطن لاتبلغ نصف هذا الرقم .. وليس آخرها مشروع قطار المشاعر والذي يبدو أنه كان القشة التي قصمت ظهر أكثر المتفائلين بمصداقية الحكومة في حرب الفساد ..
هذا التمهيد أراه ضروريا قبل أن أحدد – حسب وجهة نظري – أسباب جموح الفساد بكل هذه الوقاحة . والتي لاتخرج عن واحد من ثلاثة أسباب ..
أولا : أن المخصصات التي حرم منها الأمراء في بداية عهد الملك عبدالله باليد اليمنى قد عادت إليهم باليد اليسرى أضعافا مضاعفة عبر ترسية المشاريع الحكومية بأرقام فلكية , وكما نعلم فإن الشركات الكبرى في المملكة إما أنها بالشراكة مع أحد الأمراء أو أن المواطن الظاهر في الصورة كمالك للشركة مجرد ديكور لا أكثر , وبهذا نفهم لماذا حرمت الشركات الأجنبية المحترفة مثل الشركات الكورية من العمل في السعودية رغم أن الشركات السعودية غير قادرة على تنفيذ ولو 10% من المشاريع ,,

ثانيا : ربما أن الأزمة المالية العالمية قد ذهبت بالمدخرات السعودية في أمريكا – ال 400 مليار دولار – وتم تعويض المملكة معنويا بإدراجها ضمن الدول العشرين . ولأن ذلك كذلك وحتى لاتكتشف الحقيقة المرة عمدت الحكومة إلى مضاعفة أرقام المشاريع أضعافا كثيرة حتى تبدو تكلفة التنمية التي لا تتجاوز ال 80 مليار دولار مثلا وكانها ب 500 أو 600 مليار دولار .. على الورق طبعا ..

ثالثا : ربما أن السبب الحقيقي : خليط من السببين الأول والثاني ,,

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق